الصلاة اليومية ----> المقدمة الأولى: أوقات الصلاة

المقدمة الأولى: أوقات الصلاة

وقت صلاة الصبح مسألة (4) يمتدّ وقت صلاة الصبح من حين طلوع الفجر (الفجر الصادق*) إلى طلوع الشمس. * الفجر الصادق في مقابل الفجر الكاذب. الفجر الكاذب هو نور يظهر في السماء قبل الفجر الصادق، وبدلاً من أن ينتشر عرضاً على الأفق، ينعكس عموديّا إلى الأعلى. أمّا الفجر الصادق فيكون عندما يظهر نور أبيض ضعيف متّصل بسطح الأفق وينتشر على الأفق، ويشتدّ نوره وإسفاره شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت. بما أنّ الفجر الصادق ضعيف، لذلك فإنّ رؤيته تحتاج إلى وجود أفق شرقيّ مفتوح ومظلم تماماً، فرؤيته داخل المدن صعبة جدّاً. وعليه بما أنّ تشخيص الفجر الصادق بدقّة صعب، يؤخّر الشروع بالصلاة إلى ما بعد مرور عشر دقائق على بدء الأذان من وسائل الإعلام مراعاةً للاحتياط.

مسألة (5) لا فرق بين الليالي المقمرة وغير المقمرة من جهة تحقّق طلوع الفجر (أوّل وقت صلاة الصبح)، وإن كان الأفضل أن ينتظر المصلّي في الليالي المقمرة حتّى يغلب بياض الصبح على ضوء القمر، ثمّ يصلّي.

وقت صلاتي الظهر والعصر مسألة (6) وقت صلاة الظهر من أوّل الظهر (زوال الشمس*) إلى أن يبقى مقدار أداء فريضة العصر فقط إلى غروب الشمس. * مع طلوع الشمس من المشرق يظهر ظلّ طويل للأشياء يمتدّ باتّجاه المغرب، وكلّما ارتفعت الشمس قصرت الظلال، إلى أن تستقرّ الشمس في وسط السماء. وفي هذه الأثناء، إذا كان نور الشمس يسطع بصورة عموديّة تزول الظلال. أمّا لو كان سطوعه مائلاً فيبقى ظلّ قصير باتّجاه الجنوب أو الشمال. وعندما تبدأ الشمس بالميل نحو الغرب تبدأ الظلال التي زالت بالظهور بإتجاه الشرق أو التي بقي منها شيء بالتمدّد باتّجاه الشرق وعندها يكون وقت صلاة الظهر. كما أنّ الظهر الشرعي هو منتصف الوقت الفاصل بين طلوع الشمس وغروبها.

مسألة (7) وقت صلاة العصر من حين مضيّ مقدار أداء صلاة الظهر من أوّل الظهر (الزوال) إلى غروب الشمس.

مسألة (8) لكلّ من صلاتي الظهر والعصر وقتٌ مختصٌّ ووقتٌ مشتركٌ، والوقت المختصّ بصلاة الظهر هو مقدار أدائها من أوّل الظهر، والوقت المختصّ بصلاة العصر هو مقدار أدائها قبل غروب الشمس، والوقت المتبقى بين الوقت المختصّ بالظهر والوقت المختصّ بالعصر مشترك بين صلاتي الظهر والعصر.

مسألة (9) إذا دخل الوقت المختصّ بصلاة العصر ولم يكن المكلّف قد صلّى الظهر تصبح صلاة الظهر قضاءً، ويجب عليه الإتيان بصلاة العصر في ذلك الوقت.

وقت صلاتي المغرب والعشاء مسألة (10) يمتدّ وقت صلاة المغرب من حين زوال الحمرة (التي ترتفع بعد غروب الشمس من المشرق) من السماء إلى أن يبقى وقت يكفي فقط لأداء صلاة العشاء قبل منتصف الليل.

مسألة (11) يمتدّ وقت صلاة العشاء من بعد مضيّ المقدار الكافي لأداء صلاة المغرب بعد بداية الوقت إلى منتصف الليل.

مسألة (12) منتصف الليل (بالنسبة لصلاتي المغرب والعشاء) هو منتصف الفاصل الزمني بين غروب الشمس وطلوع الفجر الصادق.

مسألة (13) لكلّ من صلاتي المغرب والعشاء وقت مختصّ ووقت مشترك. الوقت المختصّ بصلاة المغرب هو المقدار الكافي لأداء ثلاث ركعات بعد المغرب، والوقت المختصّ بصلاة العشاء هو مقدار أداء صلاة العشاء قبل حلول منتصف الليل، أمّا الوقت الفاصل بين الوقت المختصّ بصلاة المغرب والوقت المختصّ بصلاة العشاء فهو مشترك بين صلاتي المغرب والعشاء.

مسألة (14) إذا دخل الوقت المختصّ بصلاة العشاء ولم يكن المكلّف قد صلّى المغرب فيجب عليه الإتيان بصلاة العشاء في ذلك الوقت، ثمّ يصلّي المغرب.

مسألة (15) لو أنّ شخصاً لم يصلِّ المغرب أو العشاء قبل حلول منتصف الليل عصياناً أو لعذر، فالأحوط وجوباً أن يأتي بهما قبل طلوع الفجر من دون نيّة الأداء ولا القضاء (بقصد ما في الذمّة).

أحكام أوقات الصلاة مسألة (16) يستحبّ أن يصلّي الإنسان في أوّل الوقت، وقد تمّ التأكيد على ذلك كثيراً في الشريعة الإسلاميّة. وإذا لم يتمكّن من الصلاة في أوّل الوقت فالأفضل أن يأتي بها في الزمن الأقرب إلى أوّل الوقت، إلا إذا كان تأخيرها أفضل من جهةٍ ما، كما لو أراد الإتيان بها جماعة.

مسألة (17) يجب على المصلّي أن يراعي أفق محلِّ سكنه في تحديد أوقات الصلوات اليوميّة (حتّى في المناطق القريبة من القطب).

مسألة (18) يجب على المكلّف أن يتيقّن بدخول الوقت أو يحصل له الاطمئنان بذلك ليتمكّن من الشروع بالصلاة، أو يخبره شاهدان عادلان أن الوقت قد دخل، أو يؤذّن المؤذن الموثوق والعارف بالوقت.

مسألة (19) إذا تيقّن بدخول الوقت وإشتغل بالصلاة، ثمّ شكّ أثناءها في دخول الوقت فصلاته باطلة، أمّا لو كان أثناء الصلاة على يقينٍ بدخول الوقت، وشكّ في ما مضى من صلاته، هل كان داخلَ الوقت أم خارجَه، فصلاته صحيحة.

مسألة (20) إذا حصل للمكلّف الاطمئنان بدخول الوقت من خلال وسائل الإعلام (التي تعلن الأوقات الشرعيّة) ونحوها يمكنه الشروع بالصلاة.

مسألة (21) إذا حصل للمكلّف الاطمئنان بدخول وقت الصلاة من حين الشروع بالأذان فيمكنه أن يصلّي، ولا يجب الانتظار إلى آخر الأذان.

مسألة (22) لو طالب الدائن المدين بدينه في وقت الصلاة، فإذا كان المدين قادراً على سداده، فيجب عليه سداد الدين أوّلاً ثمّ يصلّي، وكذلك إذا طرأ عليه واجب فوري آخر، هذا في حال سعة وقت الصلاة وأما مع ضيق الوقت فيجب الإتيان بالصلاة أولاً.

مسألة (23) إذا كان وقت الصلاة ضيّقاً بحيث لو أتى ببعض الأعمال المستحبّة تخرج بعض أجزاء الصلاة عن الوقت، فلا يجوز الإتيان بتلك المستحبّات. وعلى سبيل المثال، إذا كان الإتيان بالقنوت يؤدّي إلى خروج بعض أجزاء الصلاة عن الوقت فلا يجوز الإتيان بالقنوت حينئذ.

مسألة (24) من بقي لديه مقدار من الوقت يكفي لأداء ركعةٍ واحدة يجب أن يصلّي بنيّة الأداء، ولكن لا يجوز له تأخير الصلاة عمداً إلى ذلك الوقت.

مسألة (25) إذا بقي إلى غروب الشمس مقدار من الوقت يكفي لخمس ركعات فيجب عليه أن يصلّي الظهر والعصر، أمّا لو كان أقلّ من ذلك، فيجب عليه الإتيان بصلاة العصر أداءً، ويقضي الظهر. وإذا بقي إلى منتصف الليل وقت يكفي لخمس ركعات فقط، فيجب أن يصلّي المغرب والعشاء. أمّا لو كان الوقت المتبقي أقلّ من ذلك، فيجب أن يصلّي العشاء أداءً فقط، ثمّ يصلّي المغرب والأحوط وجوباً الإتيان بها لا بنيّة الأداء ولا القضاء، بل بقصد ما في الذمّة.

مسألة (26) إذا بقي للمسافر مقدار من الوقت يكفي لثلاث ركعات قبل غروب الشمس فيجب عليه أن يصلّي الظهر والعصر. أمّا لو كان الوقت المتبقي أقلّ من ذلك، فيجب عليه الإتيان بصلاة العصر أداءً، ويقضي الظهر. وإذا كان الوقت المتبقّي إلى منتصف الليل يكفي لأربع ركعات فقط، فيجب أن يصلّي المغرب والعشاء. أمّا لو كان أقلّ من ذلك، فيجب أن يصلّي العشاء أداءً، ثمّ يصلّي المغرب من دون نيّة الأداء والقضاء (بقصد ما في الذمّة) على الأحوط وجوباً. ولو علم بعد صلاة العشاء ببقاء مقدار من الوقت يكفي لركعة واحدة أو أزيد، فيجب عليه فوراً أن يصلّي المغرب بنيّة الأداء.

الترتيب بين الصلوات مسألة27) يجب تأخير صلاة العصر عن صلاة الظهر، كما يجب تأخير صلاة العشاء عن صلاة المغرب، والإتيان بالصلوات المذكورة عمداً على خلاف الترتيب المتقدّم مبطل لها.

مسألة28) إذا قدّم المكلّف صلاة العصر على صلاة الظهر أو صلاة العشاء على صلاة المغرب خطأً أو سهواً، والتفت بعد الفراغ من الصلاة، فصلاته صحيحة.

مسألة29) إذا اشتغل بصلاة العصر بتصوّر أنّه قد صلّى الظهر، ثمّ التفت أثناء الصلاة أنّه لم يأتِ بالظهر، فإذا كان في الوقت المشترك بين الظهر والعصر فيجب عليه فوراً العدول بنيّته إلى الظهر ويتمّها، ثمّ يأتي بالعصر. أمّا لو كان في الوقت المختصّ بالظهر، فالأحوط وجوباً أن يعدل بنيّته إلى الظهر ويتمّها، ثمّ يأتي بكلتا الصلاتين (الظهر والعصر) مرتّبتين.

مسألة30) إذا اشتغل بصلاة العشاء بتصوّر أنّه قد صلّى المغرب، ثمّ التفت أثناء الصلاة أنّه لم يأتِ بها، فإذا كان في الوقت المشترك بين صلاتي المغرب والعشاء، ولم يدخل بعد في ركوع الركعة الرابعة، فيجب عليه العدول بنيّته إلى المغرب ويتمّ الصلاة، ثمّ يصلّي العشاء. أمّا لوكان قد دخل في ركوع الركعة الرابعة، فالأحوط وجوباً أ ن يكمل الصلاة ثمّ يأتي بصلاتي المغرب والعشاء مرتّبتين. أمّا لو كان في الوقت المختصّ بصلاة المغرب، ولم يدخل بعد في ركوع الركعة الرابعة، فالأحوط وجوباً أن يعدل بنيّته إلى صلاة المغرب، ثمّ يأتي بكلتا الصلاتين مراعياً الترتيب.

مسألة31) إذا اشتغل بالصلاة بنيّة صلاة الظهر، ثمّ تذكّر أثناءها أنّه صلّاها فلا يمكنه العدول بالنيّة إلى العصر، بل عليه أن يرفع يده عن هذه الصلاة ويصلّي العصر. وكذلك فيما لو اشتغل بصلاة المغرب ثمّ التفت أثناءها أنّه صلّاها.

الصلوات المستحبّة مسألة32) الصلوات المستحبّة (النوافل) كثيرة. ومن بين النوافل تمّ التأكيد أكثر على النوافل اليوميّة (الليليّة والنهاريّة)، وعلى الخصوص صلاة الليل.

مسألة33) النوافل اليوميّة هي الصلوات المستحبّة التي يأتي بها المكلّف في كلّ يوم وليلة. وللإتيان بهذه الصلوات أهميّة كبيرة، وقد ذكر لها ثوابٌ وأجرٌ جزيلان. ومن جملة هذه النوافل نافلة الليل ـ التي تصلّى بعد منتصف الليل ـ ولها أهمّيّة خاصّة وفريدة من بين كلّ الصلوات المستحبّة. لهذه الصلاة خواصٌّ معنويّةٌ كثيرةٌ، وينبغي للمسلمين الاهتمام بأدائها.

مسألة34) النوافل اليوميّة هي: 1. نافلة الظهر، وهي ثماني ركعات (أربع صلوات من ركعتين ركعتين) قبل صلاة الظهر. 2. نافلة العصر، وهي ثماني ركعات (أربع صلوات من ركعتين ركعتين) قبل صلاة العصر. 3. نافلة المغرب، وهي أربع ركعات (صلاتين كلّ صلاة ركعتين) بعد صلاة المغرب. 4. نافلة العشاء، وهي ركعتان (من جلوس) بعد صلاة العشاء . 5. نافلة الصبح، وهي ركعتان قبل صلاة الصبح. 6. نافلة الليل، وهي إحدى عشرة ركعة من منتصف الليل إلى أذان الصبح. (الأفضل الإتيان بها في الثلث الأخير من الليل، وكلّما كانت أقرب إلى الفجر كانت فضيلتها أكبر).

مسألة35) نافلتا الظهر والعصر يوم الجمعة عشرون ركعة، أي يضاف على نافلتي الظهر والعصر أربع ركعات، ولا إشكال في الإتيان بها بعد الزوال إلى الغروب، وإن كان الأفضل الإتيان بالعشرين ركعة كاملة قبل زوال الشمس.

مسألة36) إذا أراد المكلّف الإتيان بنافلتي الظهر والعصر في وقت النافلة ولكن بعد أداء صلاتي الظهر والعصر، فالأحوط وجوباً الإتيان بهما من دون نيّة الأداء والقضاء (بقصد ما في الذمّة).

مسألة37) كيفيّة نافلة الليل على النحو التالي: يأتي أوّلاً بأربع صلوات ركعتين ركعتين مثل صلاة الصبح بنيّة «صلاة الليل»، ثمّ يأتي بركعتين بنيّة «صلاة الشفع»، ثمّ ركعة واحدة بنيّة «صلاة الوتر»، ويستحبّ في قنوت الأخيرة الاستغفار والدعاء للمؤمنين وطلب الحاجات من الله تعالى على النحو المذكور في كتب الأدعية.

مسألة38) المسافر أو الشابّ الذي يشقّ عليه الإتيان بصلاة الليل في وقتها، أو من لديه عذر كالشيخ أو المريض يمكنه تقديم صلاة الليل عن وقتها.

مسألة39) لا تجب قراءة السورة في النوافل، بل يكفي قراءة الحمد في كلّ ركعة، وإن استحبّ قراءة السورة أيضاً.

مسألة40) النوافل (ما عدا صلاة الوتر التي هي ركعة واحدة) تُصلّى ركعتين ركعتين، ويمكن الإتيان بها من جلوس، وإن كان الإتيان بها من قيام أفضل. وفي صورة الإتيان بها من جلوس، يستحبّ أن تحسب كلّ ركعتين بركعة واحدة، باستثناء صلاة الوتيرة (نافلة العشاء) فتصلّى احتياطاً من جلوس، وليس من قيام.