كتاب المعاملات ----> القول في صفات القاضي

القول في صفات القاضي

مسألة 1 - يشترط في القاضي البلوغ، والعقل، والإيمان، والعدالة، والاجتهاد المطلق، والذكورة، وطهارة المولد، والأعلميّة ممّن في البلد أو ما يقربه على الأحوط. والأحوط أن يكون ضابطاً غير غالب عليه النسيان، بل لو كان نسيانه بحيث سلب منه الاطمينان فالأقوى عدم جواز قضائه. وأمّا الكتابة ففي اعتبارها نظر. والأحوط اعتبار البصر وإن كان عدمه لا يخلو من وجه.

مسألة 2 - تثبت الصفات المعتبرة في القاضي بالوجدان، والشياع المفيد للعلم أو الاطمينان، والبيّنة العادلة. والشاهد على الاجتهاد أو الأعلميّة لابدّ وأن يكون من أهل الخبرة.

مسألة 3 - لابدّ من ثبوت شرائط القضاء في القاضي عند كلّ من المترافعين. ولا يكفي الثبوت عند أحدهما.

مسألة 4 - يشكل للقاضي القضاء بفتوى المجتهد الآخر، فلابدّ له من الحكم على طبق رأيه، لا رأي غيره ولو كان أعلم.

مسألة 5 - لو اختار كلّ من المدّعي والمنكر حاكماً لرفع الخصومة فلا يبعد تقديم اختيار المدّعي لو كان القاضيان متساويين في العلم، وإلّا فالأحوط اختيار الأعلم. ولو كان كلّ منهما مدّعياً من جهة ومنكراً من جهة اُخرى فالظاهر في صورة التساوي الرجوع إلى القرعة.

مسألة 6 - إذا كان لأحد من الرعيّة دعوى على القاضي فرفع إلى قاضٍ آخر تسمع دعواه وأحضره. ويجب على القاضي إجابته. ويعمل معه الحاكم في القضيّة معاملته مع مدّعيه من التساوي في الآداب الآتية.

مسألة 7 - يجوز للحاكم الآخر تنفيذ الحكم الصادر من القاضي، بل قد يجب. نعم، لو شكّ في اجتهاده أو عدالته أو سائر شرائطه لا يجوز إلّا بعد الإحراز، كما لا يجوز نقض حكمه مع الشكّ واحتمال صدور حكمه صحيحاً، ومع علمه بعدم أهليّته ينقض حكمه.

مسألة 8 - يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه من دون بيّنة أو إقرار أو حلف في حقوق الناس، وكذا في حقوق اللّه تعالى، بل لا يجوز له الحكم بالبيّنة إذا كانت مخالفةً لعلمه، أو إحلاف من يكون كاذباً في نظره. نعم، يجوز له عدم التصدّي للقضاء في هذه الصورة مع عدم التعيّن عليه.

مسألة 9 - لو ترافعا إليه في واقعة قد حكم فيها سابقاً يجوز أن يحكم بها على طبقه فعلاً إذا تذكّر حكمه وإن لم يتذكّر مستنده، وإن لم يتذكّر الحكم فقامت البيّنة عليه جاز له الحكم، وكذا لو رأى خطّه وخاتمه وحصل منهما القطع أو الاطمينان به. ولو تبدّل رأيه فعلاً مع رأي سابقه الّذي حكم به جاز تنفيذ حكمه إلّا مع العلم بخلافه، بأن يكون حكمه مخالفاً لحكم ضروريّ أو إجماع قطعيّ، فيجب عليه نقضه.

مسألة 10 - يجوز للحاكم تنفيذ حكم من له أهليّة القضاء من غير الفحص عن مستنده. ولا يجوز له الحكم في الواقعة مع عدم العلم بموافقته لرأيه. وهل له الحكم مع العلم به؟ الظاهر أنّه لا أثر لحكمه بعد حكم القاضي الأوّل بحسب الواقعة. وإن كان قد يؤثّر في إجراء الحكم كالتنفيذ فإنّه أيضاً غير مؤثّر في الواقعة وإن يؤثّر في الإجراء أحياناً. ولا فرق في جواز التنفيذ بين كونه حيّاً أو ميّتاً، ولابين كونه باقياً على الأهليّة أم لا، بشرط أن لا يكون إمضاؤه موجباً لإغراء الغير بأنّه أهلٌ فعلاً.

مسألة 11 - لا يجوز إمضاء الحكم الصادر من غير الأهل، سواء كان غير مجتهد أو غير عادل ونحو ذلك وإن علم بكونه موافقاً للقواعد، بل يجب نقضه مع الرفع إليه أو مطلقاً.

مسألة 12 - إنّما يجوز إمضاء حكم القاضي الأوّل للثاني إذا علم بصدور الحكم منه، إمّا بنحو المشافهة، أو التواتر، ونحو ذلك. وفي جوازه بإقرار المحكوم عليه إشكال. ولا يكفي مشاهدة خطّه وإمضائه، ولا قيام البيّنة على ذلك. نعم، لو قامت على أنّه حكم بذلك فالظاهر جوازه.