كتاب العبادات ----> القول في الشكوك التي لا اعتبار لها

القول في الشكوك التي لا اعتبار لها

القول في الشكوك الّتي لا اعتباربها وهي في مواضع: منها: الشكّ بعد تجاوز المحلّ، وقد مرّ. ومنها: الشكّ بعد الوقت، وقد مرّ أيضا. ومنها: الشكّ بعد الفراغ من الصلاة، سواء تعلّق بشروطها أو أجزائها أو ركعاتها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشكّ الصحّة؛ فلو شكّ في الرباعيّة أنّه صلّى الثلاث أو الأربع أو الخمس وفي الثلاثيّة أنّه صلّى الثلاث أو الأربع أو الخمس وفي الثنائيّة أنّه صلّى اثنتين أو أزيد أو أقلّ بنى على الصحيح في الكلّ؛ بخلاف ما إذا شكّ في الرباعيّة بين الثلاث والخمس وفي الثلاثيّة بين الاثنتين والأربع، فإنّ صلاته باطلة في نظائرهما. ومنها: شكّ كثير الشكّ، سواء كان في الركعات أو الأفعال أو الشرائط، فيبني على وقوع ما شكّ فيه وإن كان في محلّه، إلّا إذا كان مفسدا فيبني على عدمه. ولوكان كثير الشكّ في شي ء خاصّ أو صلاة خاصّة يختصّ الحكم به؛ فلو شكّ في غير ذلك الفعل يعمل عمل الشكّ.

مسألة 1 - المرجع في كثرة الشكّ إلى العرف. ولا يبعد تحقّقه في ما إذا لم تخلُ منه ثلاث صلوات متوالية. ويعتبر في صدقها أن لايكون ذلك من جهةعروض عارض: من خوف أو غضب أو همّ ونحو ذلك ممّا يوجب اغتشاش الحواسّ.

مسألة 2 - لو شكّ في أنّه حصل له حالة كثرة الشكّ أم لا بنى على عدمها. ولو شكّ كثير الشكّ في زوال تلك الحالة بنى على بقائها لو كان الشكّ من جهة الاُمور الخارجيّة لا الشبهة المفهوميّة، وإلّا فيعمل عمل الشكّ.

مسألة 3 - لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه؛ فلو شكّ في الركوع وهو في المحلّ لا يجوز أن يركع، ولو ركع بطلت صلاته، والأحوط ترك القراءة والذكر ولو بقصد القربة لمراعاة الواقع رجاءً، بل عدم الجواز لا يخلو من قوّة. ومنها: شكّ كلّ من الإمام والمأموم في الركعات مع حفظ الآخر؛ فيرجع الشاكّ منهما إلى الآخر. وجريان الحكم في الشكّ في الأفعال أيضا لا يخلو من وجه. ولا يرجع الظانّ إلى المتيقّن، بل يعمل على طبق ظنّه، ويرجع الشاكّ إلى الظانّ على الأقوى. ولو كان الإمام شاكّا والمأمومون مختلفين في الاعتقاد لم يرجع إليهم. نعم، لو كان بعضهم شاكّا وبعضهم متيقّنا يرجع إلى المتيقّن منهم، بل يرجع الشاكّ منهم بعد ذلك إلى الإمام لو حصل له الظنّ، ومع عدم حصوله فالأقوى عدم رجوعه إليه ويعمل عمل شكّه.

مسألة 4 - لو عرض الشكّ لكلّ من الإمام والمأموم: فإن اتّحد شكّهما عمل كلّ منهما عمل ذلك الشكّ، كما أنّه لو اختلف ولم يكن بين الشكّين رابطة - كما إذا شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الأربع والخمس - ينفرد المأموم، ويعمل كلّ عمل شكّه، وأمّا لو كان بينهما رابطة وقدر مشترك كما لو شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع ففي مثله يبنيان على القدر المشترك، كالثلاث في المثال، لأنّ ذلك قضيّة رجوع الشاكّ منهما إلى الحافظ، حيث إنّ الشاكّ بين الاثنتين والثلاث معتقد بعدم الأربع وشاكّ في الثلاث، والشاكّ بين الثلاث والأربع معتقد بوجود الثلاث وشاكّ في الأربع، فالأوّل يرجع إلى الثاني في تحقّق الثلاث والثاني يرجع إلى الأوّل في نفي الأربع، فينتج بناءهما على الثلاث، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة. نعم، يكتفى في تحقّق الاحتياط في الأوّل البناء على الثلاث والإتيان بصلاةالاحتياط إذا عرض الشكّ بعدالسجدتين. ومنها: الشكّ في ركعات النافلة، سواء كانت ركعةً كالوتر أو ركعتين، فيتخيّر بين البناء على الأقلّ أوالأكثر، والأوّل أفضل، وإن كان الأكثرمفسدايبني على الأقلّ. وأمّا الشكّ في أفعال النافلة فهو كالشكّ في أفعال الفريضة يأتي بها في المحلّ، ولا يعتني به بعد التجاوز. ولا يجب قضاء السجدة المنسيّة ولا التشهّد المنسيّ. ولا يجب سجود السهو فيها لموجباته.

مسألة 5 - النوافل الّتي لها كيفيّة خاصّة أو سورة مخصوصة - كصلاة ليلة الدفن والغفيلة - إذا نسي فيها تلك الكيفيّة: فإن أمكن الرجوع والتدارك يتدارك، وإن لم يمكن أعادها. نعم، لو نسي بعض التسبيحات فى صلاة جعفر قضاه متى تذكّر في حالة اُخرى من حالات الصلاة، ولو تذكّر بعد الصلاة يأتي به رجاءً.