كتاب العبادات ----> المقدمة الأولى: في أعداد الفرائض ومواقيت اليومية ونوافلها

المقدمة الأولى: في أعداد الفرائض ومواقيت اليومية ونوافلها

مسألة 1 - الصلاة واجبة ومندوبة: فالواجبة خمس: اليوميّة، ومنها الجمعة، وكذا قضاء الولد الأكبر عن والده، وصلاة الآيات، والطواف الواجب، والأموات، وما التزمه المكلّف بنذر أو إجارة أو غيرهما. وفي عدّ الأخيرة في الواجب مسامحة، إذ الواجب هو الوفاء بالنذر ونحوه، لا عنوان الصلاة. والمندوبة أكثر من أن تحصى؛ منها الرواتب اليوميّة، وهي ثمانِ ركعات للظهر قبله، وثمانٍ للعصر قبله، وأربع للمغرب بعده، وركعتان من جلوس للعشاء بعده تُعدّان بركعة تسمّى بالوتيرة، ويمتدّ وقتها بامتداد وقت صاحبها، وركعتان للفجر قبل الفريضة، ووقتهما الفجر الأوّل، ويمتدّ إلى أن يبقى من طلوع الحمرة مقدار أداء الفريضة، ويجوز دسّهما في صلاة الليل قبل الفجر ولو عند نصف الليل، بل لايبعد أن يكون وقتهما بعد مقدار إتيان صلاة الليل من انتصافها، ولكنّ الأحوط عدم الإتيان بهما قبل الفجر الأوّل إلّا بالدسّ في صلاة الليل، وإحدی عشرة ركعة نافلة الليل، صلاة الليل ثمان ركعات ثمّ ركعتا الشفع ثمّ ركعة الوتر، وهي مع الشفع أفضل صلاة الليل، وركعتا الفجر أفضل منهما، ويجوز الاقتصار على الشفع والوتر، بل على الوتر خاصّة عند ضيق الوقت، وفي غيره يأتي به رجاءً. ووقت صلاة الليل نصفها إلى الفجر الصادق، والسحر أفضل من غيره، والثلث الأخير من الليل كلّه سحر، وأفضله القريب من الفجر، وأفضل منه التفريق كما كان يصنعه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فعدد النوافل - بعد عدّ الوتيرة ركعة - أربع وثلاثون ركعة ضعف عدد الفرائض. وتسقط في السفر الموجب للقصر ثمانية الظهر وثمانية العصر، وتثبت البواقي، والأحوط الإتيان بالوتيرة رجاءً.

مسألة 2 - الأقوى ثبوت استحباب صلاة الغفيلة، وليست من الرواتب. وهي ركعتان بين صلاة المغرب وسقوط الشفق الغربيّ على الأقوى، يقرأ في الاُولى بعد الحمد: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) وفي الثانية بعد الحمد: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). فإذا فرغ رفع يديه وقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَفَاتِحِ الْغَيْبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا»، فیدعوبما أراد ثمّ قال: «اللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِي وَ الْقَادِرُ عَلَى طَلِبَتِي تَعْلَمُ حَاجَتِي فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَمَّا قَضَيْتَهَا لِي» وسأل اللّه حاجته أعطاه اللّه عزّوجلّ ما سأله إنْ شاءَ اللّه.

مسألة 3 - يجوز إتيان النوافل الرواتب وغيرها جالسا حتّى في حال الاختيار، لكنّ الأولى حينئذٍ عدّ كلّ ركعتين بركعة حتّى في الوتر، فيأتي بها مرّتين كلّ مرّة ركعة.

مسألة 4 - وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع - أي سبعي الشاخص - والعصر إلى الذراعين - أي أربعة أسباعه - فإذا وصل إلى هذا الحدّ يقدّم الفريضة.

مسألة 5 - لا إشكال في جواز تقديم نافلتي الظهر والعصر على الزوال في يوم الجمعة، بل يزاد على عددهما أربع ركعات فتصير عشرين ركعة. وأمّا في غير يوم الجمعة فعدم الجواز لا يخلو من قوّة؛ ومع العلم بعدم التمكّن من إتيانهما في وقتهما فالأحوط الإتيان بهما رجاءً. ويجوز تقديم نافلة الليل على النصف للمسافر والشابّ الّذي يخاف فوتها في وقتها، بل وكلّ ذي عذر كالشيخ وخائف البرد أو الاحتلام، وينبغي لهم نيّة التعجيل لا الأداء.

مسألة 6 - وقت الظهرين من الزوال إلى المغرب. ويختصّ الظهر بأوّله بمقدار أدائها بحسب حاله، والعصر بآخره كذلك، وما بينهما مشترك بينهما. ووقت العشاءين للمختار من المغرب إلى نصف الليل. وبختصّ المغرب بأوّله بمقدار أدائها، والعشاء بآخره كذلك بحسب حاله، وما بينهما مشترك بينهما. والأحوط لمن أخّرهما عن نصف الليل - اضطرارا لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها أو عمدا- الإتيان بهما إلى طلوع الفجر بقصد ما في الذمّة؛ ولو لم يبق إلى طلوعه بمقدار الصلاتين يأتي بالعشاء احتياطا، والأحوط قضاؤهما مترتّبا بعد الوقت. وما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وقت الصبح. ووقت فضيلة الظهر من الزوال إلی بلوغ الظلّ الحادث مثل الشاخص، كما أنّ منتهى فضيلة العصر المثلان. ومبدأ فضيلته إذا بلغ الظلّ أربعة أقدام - أي أربعة أسباع الشاخص - على الأظهر وإن لا يبعد أن يكون مبدؤها بعد مقدار أداء الظهر. ووقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق، وهو الحمرة المغربية، وهو أوّل فضيلة العشاء إلى ثلث الليل، فلها وقتا إجزاء: قبل ذهاب الشفق، وبعد الثلث إلى النصف. ووقت فضيلة الصبح من أوّله إلى حدوث الحمرة المشرقية، ولعلّ حدوثها يساوق مع زمان التجلّل والإسفار وتنوّر الصبح المنصوص بها.

مسألة 7 - المراد باختصاص الوقت عدم صحّة الشريكة فيه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحيح، فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه كصلاة القضاء من ذلك اليوم أو غيره، وكذا لا مانع من إتيان الشريكة فيه إذا حصل فراغ الذمّة من صاحبة الوقت؛ فإذا قدّم العصر سهوا على الظهر وبقى من الوقت مقدار أربع ركعات يصحّ إتيان الظهر في ذلك الوقت أداءً؛ وكذا لو صلّى الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت فدخل الوقت قبل تمامها لا مانع من إتيان العصر بعدالفراغ منها، ولا يجب التأخير إلى مضي مقدار أربع ركعات؛ بل لو وقع تمام العصر في وقت الظهر صحّ على الأقوی، كما لو اعتقد إتيان الظهر فصلّى العصر ثمّ تبين عدم إتيانه وأنّ تمام العصر وقع فی الوقت المختصّ بالظهر، لكن لا يترك الاحتياط في ما لم يدرك جزءا من الوقت المشترك.

مسألة 8 - لو قدّم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمدا بطل ما قدّمه، سواء كان فی الوقت المختصّ أو المشترك. ولو قدّم سهوا وتذكر بعد الفراغ صحّ ما قدّمه، ويأتي بالاُولى بعده؛ وإن تذكر فی الأثناء عدل بنيته إلى السابقة، إلا إذا لم يبق محلّ العدول، كما إذا قدّم العشاء وتذكر بعد الدخول فی ركوع الرابعة فلاعدول، بل صحّته لا تخلو من قوّة وإن كان الأحوط حينئذٍ الإتمام ثمّ الإتيان بالمغرب ثمّ العشاء.

مسألة 9 - إن بقى للحاضر مقدار خمس ركعات إلى الغروب وللمسافر ثلاث قدّم الظهر وإن وقع بعض العصر في خارج الوقت. وإن بقى للحاضر أربع ركعات أو أقلّ وللمسافر ركعتان أو أقلّ صلّى العصر. وإن بقى للحاضر إلى نصف الليل خمس ركعات أو أكثر وللمسافر أربع ركعات أو أكثر قدّم المغرب. وإن بقى للحاضر والمسافر إليه أقلّ ممّا ذكر قدّم العشاء، ويجب المبادرة إلى إتيان المغرب بعده إن بقى مقدار ركعة أو أزيد، والظاهر كونه أداءً وإن كان الأحوط عدم نية الأداء والقضاء.

مسألة 10 - يجوز العدول من اللاحقة إلى السابقة بخلاف العكس؛ فلو دخل في الظهر أو المغرب فتبين في الأثناء أنّه صلّاهما لايجوز له العدول إلى اللاحقة؛ بخلاف ما إذا دخل فی الثانية بتخيل أنّه صلّى الاُولى فتبيّن في الأثناء خلافه، فإنّه يعدل إلى الاُولى إن بقى محلّ العدول.

مسألة 11 - لو كان مسافرا وبقى من الوقت مقدار أربع ركعات فشرع في الظهر -مثلا- ثمّ نوی الإقامة فی الأثناء بطلت صلاته، ولا يجوز له العدول إلى اللاحقة فيقطعها ويشرع فيها، كما أنّه إذا كان فی الفرض ناويا للإقامة فشرع في اللاحقة ثمّ عدل عن نية الإقامة يكون العدول إلى الاُولى مشكلا.

مسألة 12 - يجب على الأحوط على ذوي الأعذار تأخير الصلاة عن أوّل وقتها مع رجاء زوالها في الوقت، إلّا في التيمّم فإنّه يجوز فيه البدار إلّا مع العلم بارتفاع العذر فيه، كما مرّ في بابه.

مسألة 13 - الأقوی جواز التطوّع في وقت الفريضة ما لم يتضيّق، وكذا لمن عليه قضاؤها.

مسألة 14 - لو تيقّن بدخول الوقت فصلّى أو عوّل على أمارة معتبرة كشهادة العدلين: فإن وقع تمام الصلاة قبل الوقت بطلت، وإن وقع بعضها فيه ولو قليلا منها صحّت.

مسألة 15 - لو مضى من أوّل الوقت مقدار أداء الصلاة و تحصيل مقدّماتها -كالطهارة المائية أو الترابية وغيرها- علی حسب حاله ثمّ حصل أحد الأعذار كالجنون والحيض وجب عليه القضاء، وإلّا لم يجب. نعم، لو كانت المقدّمات حاصلةً أوّل الوقت كفى فيه مقدار أدائها حسب حاله وتكليفه الفعليّ وإن ارتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع الطهارة والصلاتين وجبتا، أو الطهارة وصلاةً واحدةً وجبت صاحبة الوقت. وكذا الحال في إدراك ركعة مع الطهور، فإن بقى مقدار تحصيل الطهور وإدراك ركعة أتى بالثانية، وإن زاد عليها بمقدار ركعة مع تحصيل الطهور وجبتا معا.

مسألة 16 - يعتبر لغير ذي العذر العلم بدخول الوقت حين الشروع في الصلاة. ويقوم مقامه شهادة العدلين إذا كانت شهادتهما عن حس كالشهادة بزيادة الظلّ بعد نقصه. ولا يكفي الأذان ولو كان المؤذّن عدلا عارفا بالوقت على الأحوط. وأمّا ذو العذر ففي مثل الغيم ونحوه من الأعذار العامّة يجوز له التعويل على الظنّ به، وأمّا ذو العذر الخاصّ كالأعمى والمحبوس فلا يترك الاحتياط بالتأخير إلى أن يحصل له العلم بدخوله.