العبادات ----> أرباح المكاسب

أرباح المكاسب

وهو ما يفضل عن مؤونة السنة له ولعياله من الصناعات والزراعات وأرباح التجارات، بل وسائر التكسبات ولو بحيازة مباحات أو استنماءات أو استنتاجات أو ارتفاع قيم أو غير ذلك مما يدخل في مسمى التكسب.

مسألة 1932 - المراد بالمؤونة ما ينفقه على نفسه وعياله الواجبي النفقة وغيرهم، ومنها ما يصرفه في زياراته وصدقاته وجوائزه وهداياه وضيافاته ومصانعاته والحقوق اللازمة عليه بنذر أو كفارة ونحو ذلك، وما يحتاج إليه من دابة أو جارية أو عبد أو دار أو فرش أو أثاث أو كتب، بل ما يحتاج إليه لتزويج أولاده واختتانهم ولموت عياله وغير ذلك مما يعد من احتياجاته العرفية، نعم يعتبر فيما ذكر الاقتصار على اللائق بحاله دون ما يعد سفها وسرفا، فلو زاد على ذلك لا يحسب منها، بل الأحوط مراعاة الوسط من المؤونة المناسب لمثله لا صرف غير اللائق بحاله وغير المتعارف من مثله، بل لا يخلو لزومها من قوة، نعم التوسعة المتعارفة من مثله من المؤونة، والمراد من المؤونة ما يصرفه فعلا لا مقدارها، فلو قتر على نفسه أو تبرع بها متبرع لم يحسب مقداره منها، بل لو وجب عليه في أثناء السنة صرف المال في شيء كالحج أو أداء دين أو كفارة ونحوها ولم يصرف فيه عصيانا أو نسيانا ونحوه لم يحسب مقداره منها.

مسألة 1933 - لو كان عنده من الاعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو أدى خمسها وارتفعت قيمتها السوقية لم يجب عليه خمس تلك الزيادة إن لم تكن الاعيان من مال التجارة ورأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها وإبقائها اقتناءها والانتفاع بمنافعها ونمائها، وأما إذا كان المقصود الاتجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إن أمكن بيعها وأخذ قيمتها، وإن لم يمكن إلا في السنة التالية تكون الزيادة من أرباح تلك السنة لا الماضية على الأظهر.

مسألة 1934 - لو كان بعض الأموال التي يتجر بها وارتفعت قيمتها موجوداً عند المكلف في آخر السنة وبعضها ديناً على الناس فإن باع الموجود أو أمكن بيعه وأخذ قيمته يجب عليه خمس ربحه وزيادة قيمته، وأما الذي على الناس فإن كان يطمئن باستحصاله متى أراد بحيث يكون كالموجود عنده يخمس المقدار الزائد على رأس ماله، وما لا يطمئن باستحصاله يصبر إلى زمان تحصيله فمتى حصله تكون الزيادة من أرباح سنة التحصيل.

مسألة 1935 - الخمس في هذا القسم بعد إخراج الغرامات والمصارف التي تصرف في تحصيل النماء والربح، وإنما يتعلق بالفاضل من مؤونة السنة التي أولها حال الشروع في التكسب في من عمله التكسب واستفادة الفوائد تدريجا يوما فيوما مثلا، وفي غيره من حين حصول الربح والفائدة فالزارع مبدأ سنته حين حصول فائدة الزرع ووصولها بيده، وهو عند تصفية الغلة، ومن كان عنده الاشجار المثمرة مبدأ سنته وقت اقتطاف الثمرة واجتذاذها، نعم لو باع الزرع أو الثمار قبل ذلك يكون مبدأ سنته وقت أخذ ثمن المبيع أو كونه كالموجود بأن يستحصل بالمطالبة.

مسألة 1936 - لو كان للمكلف أنواع من الاستفادات من التجارة والزرع وعمل اليد وغير ذلك يلاحظ آخر السنة مجموع ما استفاده من الجميع فيخمس الفاضل عن مؤونة سنته، ولا يلزم أن يلاحظ لكل فائدة سنة على حدة.

مسألة 1937 - لا يحتسب رأس المال مع الحاجة إليه من المؤونة، فيجب عليه خمسه إذا كان من أرباح المكاسب، إلا إذا احتاج إلى مجموعه في حفظ وجاهته أو إعاشته مما يليق بحاله، كما لو فرض أنه مع إخراج خمسه يتنزل إلى كسب لا يليق بحاله أو لا يفي بمؤونته.

مسألة 1938 - لو كان عند المكلف أعيان من بستان أو حيوان مثلا ولم يتعلق بها الخمس كما إذا انتقل إليه بالإرث أو تعلق بها لكن أداه فتارة يبقيها للتكسب بعينها، كالأشجار غير المثمرة التي لا ينتفع إلا بخشبها وأغصانها فأبقاها للتكسب بهما، وكالغنم الذكر الذي يبقيه ليكبر ويسمن فيكتسب بلحمه، وأخرى للتكسب بنمائها المنفصل كالأشجار المثمرة التي يكون المقصود الانتفاع بثمرها، وكالأغنام الأنثى التي ينتفع بنتاجها ولبنها وصوفها، وثالثة للتعيش بنمائها وثمرها بأن كان لأكل عياله وأضيافه، أما في الصورة الأولى فيتعلق الخمس بنمائها المتصل فضلا عن المنفصل كالصوف والشعر والوبر، وفي الثانية لا يتعلق بنمائها المتصل، وإنما يتعلق بالمنفصل منه، كما أن في الثالثة يتعلق بما زاد على ما صرفه في معيشته.

مسألة 1939 - لو اشترى المكلف لمؤونة سنته من أرباحه بعض الاشياء كالحنطة والشعير والدهن والفحم وغير ذلك وزاد منها مقدار في آخر السنة يجب إخراج خمسه قليلا كان أو كثيراً، وأما لو اشترى فرشاً أو ظرفاً أو فرساً ونحوها مما ينتفع بها مع بقاء عينها فلا يجب الخمس فيها.

مسألة 1940 - إذا احتاج إلى دار لسكناه مثلاً ولا يمكنه شراؤها إلا من أرباحه في سنين عديدة فالأقوى أنه من المؤونة إن اشترى في كل سنة بعض ما يحتاج إليه الدار، فاشتري في سنة أرضها مثلا، وفي أخرى أحجارها، وفى ثالثة أخشابها وهكذا، أو اشترى مثلا أرضها وأدى من سنين عديدة قيمتها إذا لم يمكنه إلا كذلك، وأما إبقاء الثمن في سنين للاشتراء فلا يعد من المؤونة، فيجب إخراج خمسه.

مسألة 1941 - لو مات في أثناء حول الربح سقط اعتبار إخراج مؤونة بقية السنة على فرض حياته، ويخرج خمس ما فضل عن مؤونته إلى زمان الموت.

مسألة 1942 - لو كان عنده مال آخر لا يجب فيه الخمس فالأقوى جواز إخراج المؤونة من الربح خاصة وإن كان الأحوط التوزيع، فلو قام بمؤونته غيره لوجوب أو تبرع لم تحسب المؤونة، ووجب الخمس من جميع الربح.

مسألة 1943 - لو استقرض المكلف في ابتداء سنته لمؤونته أو اشتری بعض ما يحتاج إليه في الذمة أو صرف بعض رأس المال فيها بعد حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح.

مسألة 1944 - لا يعتبر الحول في وجوب الخمس في الأرباح وغيرها وإن جاز التأخير إلى آخره في الأرباح احتياطا للمكتسب، ولو أراد التعجيل جاز له، وليس له الرجوع على الاخذ لو بان عدم الخمس مع تلف المأخوذ وعدم علمه بأنه من باب التعجيل.

مسألة 1945 - لو كان لشخص مكتبة شخصية وقد انتفع بكتبها في فترات معيّنة، ومرت سنوات على ذلك ولم تتكرر الاستفادة منها مرة أخرى، ولكنه يحتمل أن ينتفع بها في المستقبل، إذا كانت الكتب مورد حاجته للمراجعة والمطالعة حين شرائها وكانت مناسبة لشأنه عرفاً فلا خمس فيها حتى وإن لم يستفد منها بعد السنة الأولى, وكذلك إذا كانت الكتب إرثاً أو مهداة من قبل الوالدين أو الآخرين فليس فيها خمس أيضاً.

مسألة 1946 - الذهب الذي يشتريه الزوج لزوجته إذا كان بالمقدار المتعارف المناسب لشأنه فلا خمس عليه.

مسألة 1947 - لا فرق في عدم وجوب الخمس في الأرض التي يكون بحاجة إليها لبناء المسكن المحتاج إليه فيها بين قطعة واحدة أو قطع متعددة، ولا بين مسكن واحد أو أكثر من مسكن، بل المناط هو صدق عنوان الحاجة إليها بحسب حاله وشأنه العرفي واقتضاء وضعه المالي للبناء التدريجي.

مسألة 1948 - المناط في عدم الخمس بالنسبة لحوائج المنزل هو صدق الاحتياج إليها بحسب شأنه العرفي اللائق به، وإن لم يستعملها طول السنة.

مسألة 1949 - لو اشترى المكلف أواني وسجاد ونحوهما إذا لم يستعملها أصلاً حتى دار عليها الحول، ولكنه بحاجة إليها لأجل استعمالها للضيوف لا يجب الخمس فيها.

مسألة 1950 - إذا كان تأمين الأثاث ولوازم الحياة للمستقبل يُعَدّ عرفاً من مؤنتهم فليس فيه الخمس.

مسألة 1951 - إذا اشترى المكلف كتاباً يتكون من عدة مجلدات ولم ينتفع إلا من مجلد واحد منها (كوسائل الشيعة مثلاً) فلو كان مجموع الدورة في معرض الاحتياج، أو كان الحصول على المجلد المحتاج إليه متوقفاً على شراء دورة كاملة فلا خمس فيها، وإلاّ فيجب تخميس المجلدات الخارجة عن حاجته حالياً، ومجرد قراءة صفحة من كل مجلد لا يكفي في سقوط الخمس.

مسألة 1952 - الأدوية التي تُشترى من الربح في وسط السنة، إذا اشتراها ليستعملها عند الحاجة، وكانت في معرض الاحتياج، ولم تخرج عن كونها كذلك أيضاً فلا خمس فيها.

مسألة 1953 - المال المدخر من أرباح المكاسب إذا كان لأجل تأمين مؤونة المعيشة يجب تخميسه عند حلول السنة الخمسية، إلا إذا كان الادخار لأجل تهيئة لوازم المعيشة الضرورية أو مصاريفها اللازمة ففي هذه الصورة إذا صُرف المال فيما ذكر خلال بضعة أيام من رأس السنة الخمسية بحيث يصدق صرف المال في السنة الخمسية عرفاً فلا خمس عليه فيه.

مسألة 1954 - اللوازم التي ينتفع بها مع بقاء عينها، كالبساط وغيره، لا خمس فيها، وأما الحاجيات الاستهلاكية اليومية من قبيل الأرزّ والزيت وغيرهما فكل ما زاد منها وبقي إلى رأس السنة ففيه الخمس.

مسألة 1955 - من اشترى قطعة أرض ليبني عليها مسكناً لنفسه، إذا بدأ بالبناء ولم يكتمل حتى دارت عليه سنته الخمسية، لا يجب عليه الخمس في مفروض السؤال.

مسألة 1956 - من اشترى أرضاً لبناء المسكن المحتاج إليه فيها بأرباح نفس سنة الشراء فإنها تُعَدّ فعلاً جزءاً من المؤونة، فلا يجب تخميسها، وأما لو كانت لغرض بيعها وصرف ثمنها في بناء المسكن، وكانت من أرباح المكاسب، فيجب عليه أداء خمسها عند حلول رأس سنته الخمسية.

مسألة 1957 - ما يُشترى من الأدوات المنزلية كالتلفاز والثلاجة ونحوهما بأرباح مكاسب السنة للانتفاع بها في المستقبل ولم تكن مورد حاجتهم في سنة الشراء ففيها الخمس بقيمتها العادلة عند حلول رأس السنة، إلاّ فيما لو كانت مما جرت العادة بابتياعها تدريجاً وادّخارها ليوم الحاجة من جهة عدم التمكن من شرائها دفعة واحدة عند الحاجة إليها، وكانت مناسبة لشأنهم العرفي فإنها في هذه الصورة تحسب من المؤونة ولا خمس فيها فيما لو اشتراهابعد حصول الربح.

مسألة 1958 - المبالغ التي ينفقها الإنسان في الأمور الخيرية كمساعدة المدارس ومنكوبي السيول ونحوها تحسب هذه الانفاقات الخيرية من مؤونة سنة الانفاق ولا خمس فيها.

مسألة 1959 - يجب الخمس على كل عضو من الأعضاء المشاركين في تأسيس مدرسة حرة فيما يدفعه شهرياً للمساهمة في رأس مال الشركة، وفيما دفعه أولاً من حصة الاشتراك في تأسيس المدرسة.

مسألة 1960 - المبلغ الذي يستحقه العامل إذا كان من أجرة العمل ولم يكن قابلاً للاستلام في حول الخمس فإنه يُحسب من أرباح سنة الاستلام، وإذا صرف في المؤونة خلال سنة الاستلام فليس فيه الخمس.

مسألة 1961 - في مثل الملابس والبساط ونحوهما مما ينتفع به مع بقاء عينه يكون الملاك هو الحاجة إليها، وأما في الحاجيات الاستهلاكية اليومية للمعيشة، كالأرزّ والزيت وغيرهما، فالميزان هو الاستهلاك فما زاد منه عن استهلاك السنة يجب فيه الخمس.

مسألة 1962 - لو اشترى شخص سيارة لقضاء الأمور المرتبطة بعمله وكسبه كان حكمها حكم آلات الكسب في وجوب الخمس فيها، وأما لو كانت لحوائجه المعيشية، وكانت تعتبر من الحوائج المناسبة لشأنه العرفي، فليس فيها الخمس إلا أن يكون ثمن الشراء قد تعلّق به الخمس فحينئذٍ يجب دفع خمسه.

مسألة 1963 - الكفن الذي يُشترى ويبقى عدة سنوات إذا كان المال الذي اشتُريَ به مخمّساً فلا خمس فيه فيما بعد، وإلاّ فالخمس يتعلّق بقيمته الفعلية، وبالنسبة إلى انخفاض قيمة المال يجب المصالحة مع الحاكم الشرعي.

مسألة 1964 - إذا توقف شراء ما يحتاجه المكلف من أمور معيشته بحسب وضعه المالي على ادخار الأرباح وكان قاصداً شراءها في المستقبل القريب خلال بضعة أيام قليلة بحيث يعد صرفاً في مؤونة نفس السنة فلا خمس عليه فيما يصرفه في ذلك.

مسألة 1965 - لو كان تحصيل الأرض لبناء المسكن المحتاج إليه متوقفاً على دفع شيء من ثمنها سلفاً فلا خمس عليه فيما دفعه من المبالغ لذلك، حتي فيما كان منها من أرباح مكاسبه.

مسألة 1966 - لو أقرض شخص قبل حلول سنته المالية جزءاً من دخله لأحد واستلمه بعد مرور عدة أشهر على رأس سنته، يجب عليه دفع خمس القرض حين استلامه من المقترض.

مسألة 1967 - لا يجوز دفع خمس ربح كسب من ربح كسب آخر، إلاّ بعد أداء خمسه، وفي الأرباح التي لا يُصرَف شيء منها في المؤونة المكلف بالخيار بين أن يؤدي خمسها عند حصولها وبين الانتظار إلى مضي سنتها الخمسية.

مسألة 1968 - ما يدفع من مال للبنك من أجل تسجيل الاسم للذهاب إلى الحج فإن كان من أرباح مكاسب السنة ثمناً أو أجرةً حين الدفع لسفر الحج حسب القرار الذي تم عقده بينهم وبين مؤسسة الحج والزيارة، فلا يجب عليهم تخميسه.

مسألة 1969 - لا خمس فيما يدخر من أرباح مكاسب السنة لصرفه في المؤونة الفعلية إذا كان الصرف في حدود بضعة أيام آتية وإلا وجب الخمس فيه.